مدير المشفى العام: نصحناهم بنقله لمشفى آخر لعدم وجود شواغر
مدير المشفى الخاص: إن لم تعجبهم العناية كان بإمكانهم المغادرة
حالة وفاة طفلٍٍ جديدة ، بعد الطفل مراد مراد، والطفل مجد المصري، والشاب مصطفى الشهابي.
"تجارة بأرواح العباد"عبارة بدأ بها فؤاد شحيبر كلامه بحرقة ودموع، عن فقدانه لحفيده الصغير نتيجة"إهمال المشافي له"، التي تنقل بينها، ولمدة 20 يوماً، لؤي حبو الطفل الذي أكمل السنة الأولى من عمره في إحداها.
عانى الطفل لؤي مدة 3 أيام من إسهال وارتفاع حرارة معند، أسعفه والداه على إثرها لمشفى الأطفال التخصصي(مشفى عام)، حيث شخصوا حالته، بالتهاب أمعاء وتجفاف، ووصفوا له الأدوية التي رأوها مناسبة، وبعد عودته للمنزل بساعات قليلة، ارتفعت حرارته لدرجة اختلاجه ومن ثم تغييم وعيه.
لا سرير في العناية المشددة
روى الجد فؤاد شحيبر قائلاً "منذ أسعفناه للمشفى بتاريخ 1/8/2010، كانت حالته تستدعي العناية المشددة، لكنهم أدخلونا لغرفة تشبه المهجع، فيها ستة أسرة، ظللنا فيها 3 أيام، نحضر الإبر والأدوية من خارج المشفى، على أمل تحسن حالته، دون فائدة".
وتابع شحيبر "رغم تأكيد الأطباء عدم إصابته بأي مرض خطير، أخبرونا بضرورة خضوعه للعناية المشددة، مطالبين بنقله لمشفى آخر بحجة عدم وجود سرير خال في غرفة العناية المشددة لديهم، مع أننا علمنا بوجود 3 أسرة شاغرة لديهم"، مضيفا" لكنهم يتركون الغرفة فارغة لأنها الوحيدة المكيفة، لتكون ملاذ الممرضات في الحر".
وتساءل شحيبر "لو أن أحد أقارب مدير المشفى، أو أحد المسؤولين، احتاج للعناية المشددة، هل كانوا سيطلبون منه نقله لمشفى آخر لعدم وجود سرير شاغر ؟".
اتهامات رد عليها مدير مشفى الأطفال التخصصي أحمد الشيخ قائلاً "لو لم نكن راغبين بوضعه في العناية المشددة لما قبلناه عند عودته إلينا في المرة الثانية، وأمنا له سريراً، وواظبنا على العناية به حتى اللحظة الأخيرة".
وروت والدة لؤي هناء شحيبر عن المعاملة التي تلقوها في مشفى الأطفال التخصصي قائلة "كانت الممرضات تنهرنا لأبسط طلب، حتى المستخدم كان يتصرف كالأمير، فيطلب منا تنظيف الغرفة، ومسح الأرض"، مضيفة " لم نكن في وضع نفسي يسمح لنا بالقيام بأعمال التنظيف وغيرها، كما حاولنا الابتعاد عن المناقشة والأخذ والرد لحساسية الوضع".
ومن جهته روى والد لؤي عبد القادر حبو "عندما أسعفت لؤي لمشفى الأطفال التخصصي في المرة الأولى، انتظرت دوري الذي جاء بعد 6 أشخاص، وتفاجأت بطبيب الإسعاف، الذي رأى لؤي يختلج ولونه أزرق، فقال لي ببرود شديد الوضع عادي حجي، ليحولنا إلى غرفة عادية".
وأعرب عبد القادر عن "استياءه من عدم إعطاء المشفى التخصصي لطفله حقنة الزوفيراكس، التي أخذها في مشفى البيان لاحقاً"، معتقداً أنه "لو أخذها في التخصصي منذ أسعفناه إليه، لربما كان اليوم بيننا".
وأضاف "طلبوا مني شراء 7 أكياس سيروم، بالإضافة إلى الأدوية، التي لا يقل ثمنها عن 1600 ليرة يوميا"، متسائلاً "هل يمكن لطفل بعمر ووزن لؤي أن يستهلك 7 أكياس سيروم خلال 24 ساعة؟".
و"طفلان على سرير واحد"
وبيّن الجد فؤاد أنه "حاولنا تأمين مكان له بمشفى الهلال الأحمر، دون جدوى، فاتصلنا بسيارة إسعاف، أخذنا سائقها لمشفى البيان الخاص، حيث قبض نسبته وذهب".
تم قبول لؤي في مشفى البيان بتاريخ 5/8/2010، لتبدأ المرحلة الثانية من معاناة لؤي وأهله، حيث بقي فيه 10 أيام حتى 15/8/2010.
وقال الجد "دخلنا غرفة العناية المشددة، بعد أن دفعنا 8500 ليرة تكلفة قبوله وسرير العناية، ليطالبنا الطبيب بالمغادرة، وعند عودتنا صباحا كان باب العناية المشددة مفتوحاً مثل الكراج، ورأينا لؤي في سرير آخر، تحت أقدام طفلة بعمر 12 سنة، تتلوى وتركله بأقدامها".
تابع شحيبر حديثه قائلاً "بررت الممرضة الوضع، وبكل بساطة، بأنها رغبة مستثمر غرفة العناية، بسبب الحاجة لسرير لؤي من أجل طفل آخر، فوضعنا ابنكم على سرير الفتاة".
وتابع شحيبر روايته قائلاً "نقلنا الطفل لغرفة خاصة، أجرتها بالليلة 3000 ل.س.، حمامها بدون إنارة، أو براد في هذا الحر الشديد، ودون أدنى اهتمام، عدا عن الأدوية التي كانوا يطلبونها يوميا، بالرغم من الحالة المادية المتواضعة للأسرة".
بالمقابل نفى المدير الإداري لمشفى البيان فيصل جنود كلام الجد حول غرفة العناية المشددة قائلاً "الكلام غير دقيق، فان لم تعجبهم العناية كان بإمكانهم ترك المشفى، ولو كان الطفل بحاجة للعناية المشددة لا يمكن نقله لغرفة عادية، لسنا مشفى حكومي مجاني، وعندما لا يرى المريض العناية المطلوبة، لن ينتظر 10 أيام فيه، بينما لو كان في مشفى حكومي ربما سيكون مضطراً لبقائه".
وأضاف جنود "عموماً ليس لدي فكرة كافية عن الموضوع".
ومن جهته أكد عبد القادر "الطبيب المعالج لأبني ف. أ، والممرض الذي أنزل سرير لأبني، هم شهود على ما حدث في غرفة العناية المشددة، وكيف كانت الفتاة التي شاركها لؤي بالسرير تركله عندما كانت تتلوى أو تتقلب"..
وقال الطبيب المعالج ف.أ" عندما وصلت صباحا أخبرني والد الطفل بما حدث، فاتصلت بقسم العناية، وطلبت فصل لؤي عن الفتاة، ووضعه في سرير خاص".مضيفا" لكنني لم أر ذلك بعيني، سمعت فقط، وتصرفت حسبما تطلب الموقف".
بتاريخ 13/8/2010 أكمل لؤي عامه الأول في غرفة صغيرة، بمشفى البيان، دون أن يعي ذلك، ليس لصغر سنه، بل لفقدانه الوعي وغيابه عن الدنيا .
وبكت هناء شحيبر والدة لؤي وهي تعطينا صورته الوحيدة في"عيد ميلاده الأول" وهو غائب عن الوعي، يرتدي ثوب المشفى عوضا عن الثياب الجديدة التي جهزتها لهذه المناسبة.
قالت هناء " كان لؤي زهرة المنزل، بصوته الناعم، وبكلماته وخطواته الأولى، ولعبه مع أخيه الذي يكبره بسنة ونصف ، ومحاولته المشي بخطواته الحديثة ليستقبل والده عند عودته من العمل، يملأ البيت مرحا وضحكا"، مضيفة" حرقوا قلبي على ولدي، فعندما نقلناه للبيان كانت ضربات قلبه 215 ضربة بالدقيقة، وصوت ضرباته ما زالت في أذني حتى اليوم".
المرحلة الأخيرة من المعاناة
بعد مرور 10 أيام في مشفى البيان بدون أي تحسن يذكر في حالة لؤي، نصحت إحدى الممرضات أهله، بأن يعيدوه للمشفى التخصصي، كي لا يدفعوا المزيد من المال وبدون فائدة، فلم يعد بإمكان والده، الذي يعمل بالدهان، دفع فواتير أكثر من ذلك.
وقال جد الطفل" أصبحت المشكلة الآن في تأمين قبول له في التخصصي بعد تخريجه أول مرة بتاريخ 5/8/2010، حيث طلب منا مدير المشفى، إبقائه في البيان لحين تأمين سرير له في العناية".
وأضاف شحيبر" استطاع والد لؤي تأمين قبول له في العناية المشددة خلال ربع ساعة، عن طريق ممرضة تعمل هناك".
ودخل لؤي مجدداً لمشفى الأطفال التخصصي بتاريخ 15/8/2010، حين بدأت المرحلة الثالثة من مأساته ومعاناته، التي انتهت بوفاته بعد يومين.
ومن جهته قال ح. خ الطبيب المشرف على العناية المشددة "وصل الطفل في وضع سيء ومشخص كالتهاب دماغ وقمنا بكافة الإجراءات الخاصة، وأعطيناه العلاج المناسب".
وشدد ح.خ على أن "العناية المشددة بالمشفى مميزة بتجهيزاتها، وبالرعاية فيها، ويمكن اعتبارها الوحيدة بحلب، والأفضل من أي مشفى آخر".
بينما رأى عبد القادر أن "تجهيزات العناية ممتازة، لكن الرعاية، والاهتمام، وتعامل الممرضات من أسوء ما يكون".
وقالت الام هناء "أصابت ابني حالة اختلاج وتسرع بالقلب، ورأيت صدره ملتصقا بقلبه، فخرجت أبحث عن الممرضات بدون فائدة، ثم رأيت ممرضة من قسم آخر أخبرتها بحالته وأنا ابكي، فاتصلت بهم أتوا لعندي بعد أكثر من 5 دقائق".
تابعت قائلة "نظروا لي بازدراء وكأنني أزعجتهم لأمر تافه، وقالوا هذا مجرد اختلاج، لا داع لكل هذا الخوف، وعند وصول الطبيب المناوب، أخبروه بأن لا يزعج نفسه، وأن يبقى مرتاحا، فلا شيء خطير".
وعن حالة لؤي قال أحمد الشيخ مدير مشفى الأطفال التخصصي "دخل لؤي في المرة الأولى بتاريخ 3/8/ 2010، في حالة اختلاج ، وتغييم وعي، اتخذنا الإجراءات اللازمة لإسعافه، فأعطيناه فينوباربيتال، لوقف الاختلاج، ثم أجرينا التحاليل و صور الطبقي المحوري، لاشتباهنا بالتهاب السحايا، أو الورم الدماغي".
وأضاف الشيخ "نفت نتائج التحاليل الاحتمالات السابقة، فشخصنا الحالة نتيجة لتغيم الوعي بالتهاب دماغ، وسارعنا بعلاجه بـ الزوفيراكس".
وبين الشيخ "أن تغيم الوعي، عرض واضح للالتهاب الدماغي في حال نفي ما سبق، وهو ذو إنذار سيء، ونحن نخشى في هذه الحالة من الأذية الدماغية".
مضيفاً "لذا كان بحاجة لعناية مشددة وحينها لم يتواجد لدينا مكان شاغر،فنصحنا والده بنقله لمشفى آخر، وعندما توفر السرير عاد إلينا".
لإنقاذ أطفال الآخرين
وروى الاب عبد القادر بألم شديد "يوم الوفاة صباحا، عملوا له صورة طبقي محوري، عندما طلبتها مساءاً، أخبرني الفني أن الصورة جاهزة ولكن لم يكتب الطبيب تقريره بعد، أرجع غداً لتستلمها".
وأضاف عبد القادر والدمعة لمعت في عينيه "لم أرجع في اليوم الثاني ، فلم يعد هناك فائدة من أخذها مطلقا".
وشدد كل من جد الطفل المتوفى ووالديه على أن "ما أصابنا قبلناه، ولا غاية لنا في كل هذا سوى إنقاذ الأطفال الآخرين، الذين ينتظرون دورهم على لائحة الإعدام إهمالاً في مشفى يفترض أن يكون رحمة لهم".