عبر دفقات التاريخ والحب, وعلى وقع دقات القلب يمكن أن تستقبل الحركة التي تضج في أزقتها, والأضواء التي تحيي مساءاتها, او ان تتلمس درب الهداية عبر تراتيلها الدينية التي تلامس في علوها سقف السماء لتنعكس منها أضواءً تنير أفئدة المؤمنين، وتخبئ في ذاكرتها ما تستطيع حقائبها أن تتسع له.
"دمشق"....اتخذت لي ركناً في أحد المقاهي أستطيع من خلاله ممارسة هوايتي بمراقبة حركة المارة في الشارع المجاور, و ما لفت انتباهي هو رجل يجلس في المقهى, حيث أبلغت الملامح عن عروبته فيما دلّت أكياس كثيرة أحاطت به أنه في الغالب من السواح.
سواح دمشق العروس
غلبني الفضول وحب الاطلاع فأقتحمت خصوصية محام جزائري أبهرته دمشق حينما التقاها أول مرة, ومازالت بالنسبة "لعمر بو بكري" عروساً في ثوب زفافها حتى بعد مضي عشرين عاماً على ذلك اللقاء, وهو في هذه المرة يحاول توثيق الصلة بينه وبينها من خلال اقتناء مجموعة من أبرز ما يميز تاريخ المدينة وحضارتها, وخير ما قد يفعل ذلك هو اقتناء "البروكار" الدمشقي بألوانه وتطريزاته المختلفة.
تركت السائح غريقاً في أحضان محبوبته"دمشق" وتوجهت لركن آخر من المقهى ضجّ بأغنية جميلة يؤديها شابين عربيين وفتاة بملامح غربية لفتت ناظري "بالسلك" أو "بالحطّة الفلسطينية" التي تلف بها رقبتها، وعن الحطة التي ترتديها قالت ذات الفتاة وهي "سارة"، طالبة أمريكية تدرس تاريخ العرب ولغتهم في سورية" اقتنيت الحطّة بداية لأني رأيت فيها وشاحاً جميلاً, لكني أدركت لاحقاً ارتباطها بقيم معينة لدى الشعب السوري, واستمريت بعد ذلك في وضعها لأنها تشعرني بنوع من التقارب مع الناس ومع الثقافة في سورية".
تركت المقهى والحركة التي تضج في أركانه لأستذكر "يوليا" الفتاة الألمانية التي أصرت خلال زيارة لسورية دامت أسبوعين أن ترتدي وشاحاً من الحرير المطرز على رأسها يعيدها بالذاكرة إلى "الطوارق" وحضارة الصحراء التي تعشقها!
أزياء شريقية وأجواء دمشقية"
الأزياء الشرقية تسهم في إدخال السائح أجواء دمشق وثقافتها لذلك تجده مقبلاً على اقتنائها", هذا ما يقوله السيد "فراس رباطة" في معرض حديثه عن الإقبال الذي تشهده الأزياء الشرقية لدى زائري دمشق, ويتابع " الشام تملك تراثاً وأصالة يجعلانها مقصداً للسواح من كل مكان, ويشهد على ذلك الشرشف الأغباني العريق ذو الألوان السبعة والمقاسات الثمانية, إضافة لقماش "البروكار" الذي ارتدته "فكتوريا" حينما توجت ملكة على بريطانيا".
إحياء التراث المندثر
يضيف السيد رباطة:"نتيجة الإقبال أصبحت المحال المختصة بالشرقيات تعيد إحياء جوانب من التراث الشامي قاربت الاندثار, كما ساهم الترويج للبيئة الشامية في إبداع أثواب ونقشات جديدة, ومن تلك الإبداعات ثوب باب الحارة الذي يلقى إقبالاً كبيراً, كما دمجنا الزيين الشامي والفلسطيني لنخرج بثوب جميل يلقى رواجاً بدوره, ونحن نستمر بإدخال تطريزات جديدة ومميزة من روح البيئة الشامية والإسلامية على أزيائنا التقليدية, كإدخال النقشات التي تزين باحة الجامع الأموي في بعض التصاميم الحديثة".
"نملك طموحاً لنشر الزي التقليدي إلى أبعد مدى بصورة تتيح التعريف بثقافة البلد وتاريخه, ومن هنا أعتبر محلي أشبه بالمضافة التي نكرم فيها ضيوف البلد, فنحن نشعر بالمسؤولية عند تعاملنا مع ما يتصل بالتراث وهو تاريخ البلد الذي نقدمه لزوارنا, ومن هنا نحرص على أفضل العلاقات مع السواح لنوضح لهم الوجه الجميل لبلدنا, ولا أجمل من أن يهاتفك سائح من بلده ليهنئك بالأعياد, ما يؤكد الأثر الجميل الذي يحمله عن سورية